عبر نسق تصاعدي منذ بدايتها عام 1971، تطورت العلاقات بين دولة الإمارات وروسيا حتى بلغت مستوى الشراكة الاستراتيجية.
يعززها تقارب الرؤى بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة والاتفاق على تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، فضلا عن التعاون المتنامي بينهما في كافة المجالات.
وترتبط دولة الإمارات وروسيا بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة، ترجمتها زيارات رسمية وعلاقات دبلوماسية، خصوصاً الزيارتين التاريخيتين للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حينما كان وليا لعهد أبوظبي إلى موسكو في مارس/آذار 2016 ويونيو/حزيران 2018.
وبدأ رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اليوم الثلاثاء، زيارة إلى روسيا حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين.
وبحث رئيس دولة الإمارات خلال الزيارة مع نظيره الروسي علاقات الصداقة بين دولة الإمارات وروسيا وعدداً القضايا والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
ومطلع مارس/آذار الماضي بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هاتفيا مع الرئيس بوتين عدداً من القضايا الإقليمية والدولية.
واطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الاتصال على آخر التطورات الجارية حالياً، كما تم التطرق للعلاقات الثنائية بين الطرفين وملف الطاقة في ضوء التعاون الروسي مع منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" .و تم الاتفاق على ضرورة المحافظة على استقرار سوق الطاقة العالمي.
كما أطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من الرئيس الروسي على تطورات الأزمة مع أوكرانيا، مؤكدا على ضرورة استمرار الاتصالات والمشاورات الجادة لحل الأزمة والتوصل إلى تسوية سياسية بما يحقق السلم والأمن العالمي.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات الاتحاد السوفياتي حينها في عام 1971 واستكملت في عام 1991 مع روسيا الاتحادية، غير أن قرار تبادل السفراء تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني 1985، وفي عام 1986 جرى افتتاح سفارة الاتحاد السوفيتي في أبوظبي وفي أبريل/نيسان 1987 افتتحت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في موسكو.
وفي عام 2022 افتتحت القنصلية العامة الروسية في دبي عام 200 حيث عبر ذلك عن مدى قوة العلاقة بين البلدين الصديقين.
وفي الأول من يونيو/حزيران 2018 شهدت علاقات البلدين نقطة تحول هامة تمثلت في التوقيع على إعلان شراكة استراتيجية بينهما تشمل المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاقتصادية والثقافية إضافة إلى المجالات الإنسانية والعلمية والتكنولوجية والسياحية.
ويعزز الإعلان الحوار والمشاورات حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية الرئيسية ذات الاهتمام السياسي المتبادل، كما تضمن الإعلان إجراء المشاورات بشكل منتظم بين وزيري خارجية البلدين بغرض تنسيق المواقف حول القضايا ذات الاهتمام المتبادل.
واتفق البلدان بموجب الإعلان على تشكيل "اللجنة المشتركة بينهما" بغية تنمية في التعاون في المجالات المختلفة لما فيه مصلحة الشعبين الصديقين.
وترتبط الإمارات وروسيا بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، حيث تحرص قيادتا البلدين على فتح الباب واسعا أمام الاستثمارات المشتركة في قطاعات التجارة والنفط والغاز والصناعات التحويلية وذلك في إطار العلاقات المتميزة التي تربطهما على الأصعدة كافة والتي من شأنها أن تدعم مسيرة الشراكة وتشجع الاستثمار المتبادل.
وفي نهاية 2017، عُقد منتدى الأعمال الإماراتي الروسي، الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، بمشاركة أكثر من 100 رجل أعمال وممثل عن شركات روسية، الذي وجد ترحيباً خاصاً من قبل الشركات الإماراتية، وهو ما عزز من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، في ظل تنامي اهتمام الشركات الروسية بالعمل والاستثمار في الإمارات.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبروتوكولات اقتصادية وتجارية واستثمارية وقعت خلال السنوات القليلة الماضية ساهمت في ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2018 بنسبة 21% مقارنة بالعام 2017، ليصل حجمه إلى نحو 3 مليارات دولار.
ويبلغ عدد الشركات الروسية المسجلة والعاملة في دولة الإمارات نحو 3 آلاف شركة تستفيد جميعها مما توفره الإمارات من فرص استثمارية متنوعة، إلى جانب سلاسة قوانينها والمناطق الحرة ومطاراتها ومرافقها الحديثة، التي أسهمت في تعزيز ثقة الشركات الروسية في إطلاق مشاريعها داخل دولة الإمارات.
ويشكل القطاع السياحي أحد أبرز القطاعات التي تعزز دعائم العلاقات الثنائية المتميزة بين الدولتين، حيث وصل عدد السياح الروس الذين استقبلتهم دولة الإمارات عام 2018 إلى نحو 900 ألف زائر ، فيما يصل فيه عدد المواطنين الروس المقيمين في الدولة إلى نحو 40 ألفا.
ويولي البلدان عناية خاصة للعلاقات الثقافية بينهما إيمانا منهما بأهميتها في مد جسور التواصل بين شعبي البلدين وفي هذا الإطار احتفى معرض موسكو الدولي للكتاب في سبتمبر/أيلول عام 2019 رسمياً بإمارة الشارقة كأول ضيف عربي مميز في تاريخه، ولتكون سفيرة للثقافة العربية، ممثلةً في الثقافة الإماراتية، التي حضرت في أوعية الثقافة المتنوعة؛ الكتاب، والندوة، والجلسة الحوارية، والأمسية الشعرية، والعروض الفولكلورية والتراثية التي تألقت طبولها ودفوفها وأهازيجها الشعبية، ليحتشد حولها جمهور غفير من الروس في الساحة الحمراء.
وفي العام نفسه أيضا برزت المشاركة الإماراتية الفاعلة في الدورة الثالثة من قمة "أقدر" التي استضافتها العاصمة الروسية موسكو، والتي تمثلت بتواجد 12 مسؤولاً بينهم 8 وزراء وذلك لتسليط الضوء على تجارب الإمارات ومساهمتها في تمكين الإنسان في التعليم والمعرفة والفضاء، وتمكين الشباب وأصحاب الهمم والذكاء الاصطناعي والتمكين الحضاري وغيرها.
وفي المقابل لا تكاد الوفود الروسية تغيب عن الأحداث الثقافية التي تقام في الإمارات، حيث شهد ديسمبر 2017 استضافة العاصمة أبوظبي مهرجان الموسيقى الشعبية الروسية، الذي تضمن آنذاك 14 برنامجاً موسيقياً نفذت على مدار 8 أيام في مناطق مختلفة من أبوظبي؛ وشارك فيه أكثر من 30 فناناً روسياً.
وشكل التعاون الثنائي للبلدين في مجال الفضاء قفزة نوعية في تاريخ العلاقات بينهما لا سيما أنها تدعم أهداف "مئوية الإمارات 2071"، التي تركز على علوم المستقبل وتطويرها في مجالات الابتكار والفضاء والهندسة والطب، كما أنها مثلت امتداداً للعلاقة القوية بين مركز محمد بن راشد للفضاء ووكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس".
0 Comments: