أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى دعم مصر الثابت والراسخ لأمن واستقرار العراق الشقيق، والاعتزاز بعمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والحرص على تعزيز وتنويع أطر التعاون الثنائى المتبادل فى شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، سواء على المستوى الثنائى أو من خلال آلية التعاون الثلاثى مع الأردن.
واستقبل الرئيس السيسى، بقصر الاتحادية، رئيس وزراء العراق، محمد شياع السودانى، الذى يزور مصر على رأس وفد حكومى رفيع المستوى، يضم نائبى رئيس الوزراء «وزيرَى الخارجية والتخطيط»، ووزراء الإسكان والتجارة والكهرباء، ومحافظ البنك المركزى العراقى، للمشاركة فى أعمال اللجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء.
وتطرق اللقاء إلى التباحث بشأن سبل الارتقاء بأطر التعاون الثنائى بين البلدين الشقيقين فى شتى المجالات، خاصة على صعيد التعاون الأمنى، والتبادل التجارى، والاستثمارات، وتطوير البنية التحتية.
كما تم تبادل وجهات النظر حول القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فى ضوء الدور المحورى للدولتين فى المنطقة، حيث تم تأكيد الحرص على تعزيز العمل العربى المشترك، بما يسهم فى التصدى للتحديات المتعددة التى تواجه الأمة العربية فى المرحلة الراهنة، وبما يحقق آمال شعوب المنطقة فى العيش فى سلام واستقرار.
وأشاد رئيس الوزراء العراقى بالروابط الأخوية الوثيقة والتاريخية التى تجمع بين البلدين، مؤكدًا حرص العراق على تعزيز آليات التعاون الثنائى الراسخة مع الدولة المصرية، والبناء على نتائج زيارته الأخيرة لمصر فى مارس الماضى.
وأشار «السودانى» إلى أن وتيرة الزيارات المتبادلة بين الجانبين تعكس الحرص على دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب خلال الفترة المقبلة، وتعزيز الاستفادة من القدرات والكفاءات المصرية فى مختلف المجالات، خاصة فى ضوء الدور المصرى البارز فى تعزيز آليات العمل العربى المُشترك فى مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة، والذى يعد نموذجًا يحتذى به فى الحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية.
من جهته، قال رئيس مجلس الوزراء إن العلاقات «المصرية ـ العراقية» تاريخية ممتدة الجسور، حيث سجل التاريخ بداية التفاعل النشط بين الحضارة المصرية القديمة والحضارات المتعاقبة فى بلاد الرافدين منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد، منذ أكثر من 6 آلاف عام وامتدت منذ هذا الوقت وتوطدت علاقات الشعبين المصرى والعراقى، حيث تجمعهما وحدة اللغة والثقافة والتاريخ المشترك.
وأشار «مدبولى»، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره العراقى، أمس، بالعاصمة الإدارية، إلى حرص رئيس وزراء العراق على زيارة مصر للمرة الثانية خلال 3 أشهر منذ مارس الماضى، ما يعكس الاهتمام الواضح بدعم وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين، وقال إن انعقاد اجتماعات الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة المصرية العراقية فى القاهرة بعد أقل من 3 أعوام من عقد دورتها الأولى فى بغداد، يأتى تأكيدًا لحرص البلدين على متابعة وتفعيل آليات التعاون فى مختلف المجالات التى تعود بالنفع على شعبى البلدين.
وأضاف «مدبولى» أن زيارة رئيس الوزراء العراقى مصر تأتى فى وقت مهم تموج فيه المنطقة والعالم بتطورات متلاحقة وتحديات متزايدة على الصعيدين الاقتصادى والسياسى، الأمر الذى يتطلب تكثيف جهود العمل المشترك، والسعى لاستكشاف واستغلال كل فرصة ممكنة من أجل تعظيم وحسن استثمار ما لدينا من إمكانيات، منوهًا بأن هذه الخطوة المهمة سيكون لها انعكاس إيجابى فى برامج التعاون مع مصر وتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار فى العراق الشقيق من جانب شركات مصرية فى إطار العديد الآليات المختلفة.
واستكمل: «الشركات المصرية ستكون منفتحة على نقل خبراتها فى المجال الفنى وإعادة الإعمار لبلدنا الثانى العراق، بالإضافة إلى شراكات مع شركات عراقية فى هذا الشأن لنقل هذه الخبرات، وقد تطرقت جلسة اليوم إلى العديد من موضوعات التعاون التى تم التوافق عليها فى الاجتماعات التحضيرية الوزارية واجتماعات على مستوى الخبراء تتعلق بزيادة حجم التبادل التجارى وتفعيل مشاركة الشركات المصرية فى إعادة الإعمار وعملية تعزيز التعاون فى مجال الربط الكهربائى والإسكان والسياحة والشباب والرياضة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتم التوقيع على مذكرات التفاهم الخاصة بها».
ولفت «مدبولى» إلى أنه تمت مناقشة أوجه التعاون الثلاثى التى تربط مصر بالعراق مع الأردن، وهناك تأكيد على تفعيل هذا الموضوع، مضيفًا: «تشرفنا اليوم بتواجدنا فى حضرة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أكد عمق الروابط التاريخية التى تربط بين مصر والعراق؛ وتشديده على وقوف مصر الكامل قيادة وشعبًا مع كل الخطوات التى يقوم بها العراق اليوم لدحر الإرهاب والحفاظ على الدولة وتحقيق كل آمال وتطلعات الشعب العراقى الشقيق، وفى إطار الحرص والإدراك لدور القطاع الخاص فى البلدين سيتم افتتاح منتدى الأعمال المصرى العراقى بحضور مميز لنخبة من رجال الأعمال فى البلدين»، معربًا عن تطلعه إلى أن يكون المنتدى بداية لشراكة مشتركة للقطاع الخاص فى الدولتين فى العديد من مشروعات التنمية.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء العراقى أن بلاده تعمل على تعزيز وتطوير العلاقات مع مصر فى مختلف المجالات، وأعرب عن شكره وتقديره للجهود المصرية، والرغبة الجادة والمخلصة فى إنجاح أعمال اللجنة الوزارية، وصولًا إلى اجتماع اللجنة العليا والتى انتهت بتوقيع 11 مذكرة تفاهم، وكذلك محضر الاجتماع المشترك، وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال.
ووصف رئيس الوزراء العراقى العلاقات المصرية العراقية بأنها «استراتيجية ومحورية» وستساهم فى استعادة وتعزيز التأثير العربى والدولى للبلدين، مشيرا إلى علاقات التعاون مع الأردن أيضا، وشدد على أهمية تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بين الحكومتين المصرية والعراقية للتعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى، قائلًا إن هناك إرادة ورغبة جادة من قيادة البلدين لتطوير علاقات التعاون الثنائى وتعزيز الاستثمارات، حيث سيتم التواصل بين الوزارات المعنية من أجل وضع هذه المذكرات موضع التنفيذ.
ولفت «السودانى» إلى أن العلاقات بين مصر والعراق تمتد عبر التاريخ إلى حضارة مصر القديمة وحضارة أرض الرافدين، وأن العراق يشهد فى الوقت الحالى حالة من الاستقرار السياسى والاقتصادى والمجتمعى، وأصبح جزءًا من الحل لمشكلات المنطقة، بما يعود بالمنفعة على جميع دولها، مستدركًا: «هذا المحضر وهذه المذكرات والرؤى والأفكار هى خريطة طريق للعلاقة بين الحكومتين للمرحلة المقبلة والتى تأتى ترجمة لإرادة ورغبة جادة من قيادة البلدين فى تطوير العلاقة بين العراق ومصر وفتح مجال للتعاون الاقتصادى والتبادل التجارى واستثمار الفرص الواعدة فى العراق من فرص استثمارية من مختلف القطاعات».
وتابع «السودانى»: «عراق اليوم أصبح جزءًا أساسيًّا من الحل وليس المشكلة ويطرح مبادرات وحلولًا وفرصًا سياسية واقتصادية تعود بالمنفعة على دول المنطقة والعالم وهذا هو دور العراق، والعلاقات العراقية الاستراتيجية والمحورية مع مصر ستعزز دور العراق، وتساهم فى استعادة فاعلية هذا المحور المؤثر عربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا»، مشددًا على أهمية التعاون الثلاثى ما بين مصر والعراق والأشقاء فى المملكة الأردنية الهاشمية.
وأضاف «السودانى»: «تحدثنا عن محضر الاجتماع ومذكرات التفاهم، وأكدنا أن هذا أمر مهم وجيد، لكن الأهم هو تنفيذ هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والأفكار التى تستجد خلال هذه الفترة، والعراق يشهد فى كل أسبوع توافدًا من المستثمرين والشركات العالمية من شتى الأرجاء»، لافتًا إلى أن الحكومة حريصة على وجود الشركات المصرية.
وأضاف «السودانى» أن التحولات والتغيرات التى تشهدها المنطقة على جميع المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، عامل إضافى يحتم على مصر والعراق أن يلعبا الدور المطلوب فى القيام بدور محورى يساهم فى حفظ مصالح الدول العربية واستقرار وأمن المنطقة، وشدد على أن أمن العراق واستقراره جزء من أمن مصر، والعكس صحيح، مبينًا أن كل المشاورات والتواصل بين الوزراء والمسؤولين الأمنيين مهم ومطلوب فى هذه المرحلة لتحقيق الاستقرار.
وأكد «السودانى» موقف العراق الداعم لكل مبادرات الأشقاء فى مصر تجاه مختلف القضايا فى ليبيا والسودان، فضلًا عن الموقف المبدئى تجاه القضية الفلسطينية، معربًا عن خالص تقديره لـ«مدبولى»، لرغبته الجادة والمخلصة واستعداده لفتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، بما ينعكس على مستوى الشعب وتطلعاته التى تأمل أن يكون هذا الحجم من التعاون بشكل عملى وملموس.