الإمارات وألمانيا.. علاقات تاريخية ورؤى مشتركة

 

تأتي زيارة أولاف شولتس مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لتؤكد عمق العلاقات الثنائية، التي تربط بين البلدين، والمكانة التي تحظى بها الإمارات في السياسة الألمانية على مختلف الصعد.

وقد بنيت العلاقات الإماراتية- الألمانية على أسس راسخة، وتقدم نموذجاً للعلاقات المتطورة باستمرار، القائمة على أسس متجذرة من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، بما يجسد الحرص المشترك من جانب قيادتي الدولتين على تعميقها وتطويرها، ودفعها قدماً إلى الأمام في جميع المجالات. 

وتعتبر العلاقات الإماراتية- الألمانية علاقات تاريخية في كل الجوانب، تطورت على مدى العقود الماضية، ولم تتوقف عند العلاقات والاتفاقيات السياسية والدبلوماسية حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية فقط، بل تعدت تلك المجالات، لتشمل المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية والسياحية.

ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية إلى عام 1972، كما نشأت شراكة استراتيجية بين البلدين في أبريل عام 2004، وتم الاتفاق في يناير من عام 2009 على عقد مشاورات سياسية منتظمة لوزراء الخارجية، وأعلنت حكومتا البلدين كذلك عن رغبتهما في توسيع التعاون السياسي بينهما.

وبحسب الإحصاءات والأرقام، التي أعلنت عنها السفارة الألمانية في الإمارات، خلال شهر يونيو من العام الجاري، فإن نحو نصف مليون ألماني كانوا يزورون الإمارات قبل تفشي الجائحة وإن أعداد السياح تشهد الآن زيادة متنامية، كما أن عدداً كبيراً من المواطنين الإماراتيين يزورون ألمانيا كل عام، فيما يقيم نحو 15 ألف ألماني في دولة الإمارات.

وضمن اتفاقيات النقل الجوي وقعت الإمارات وألمانيا اتفاقيتي نقل جوي، ومنع ازدواج ضريبي، فضلاً عن اتفاقية لترقية وحماية الاستثمارات، وعمقت هذه الاتفاقيات العلاقات بين البلدين.

وعلى الصعيد الاقتصادي تعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لألمانيا في المنطقة، ولهذا لعبت ألمانيا دوراً كبيراً وداعماً لإعفاء مواطني الإمارات من تأشيرة «الشنغن» في تمهيد غير مسبوق لزيادة حجم التبادل التجاري والثقافي بين البلدين.

ووفقاً للإحصاءات فقد تجاوز حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وألمانيا في الفترة من (2012-2021) نحو 478 مليار درهم، بحسب بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.

واستحوذت الواردات على نسبة 89.5% من إجمالي التبادل التجاري، فيما بلغت حصة الصادرات 3.5%، وإعادة التصدير 7%. وأظهرت البيانات أن التبادل التجاري بين البلدين توزع بين 427.4 مليار درهم للواردات، فيما بلغت قيمة الصادرات 17.1 مليار درهم، وإعادة التصدير بقيمة 33.4 مليار درهم.

ونما التبادل التجاري بين الإمارات وألمانيا بنهاية العام الماضي بنسبة 12% ليرتفع إلى 35.3 مليار درهم، مقابل 31.5 مليار درهم بنهاية 2020. 

وتبوأت السيارات المركز الأول في قائمة أهم السلع، التي تم استيرادها من ألمانيا خلال 2021 بنحو 4.3 مليارات درهم، كما شملت قائمة أهم 5 سلع تم تصديرها إلى ألمانيا خلال العام 2021، أسلاك وكابلات معزولة بنحو 363 مليون درهم، وسجائر بـ 166 مليون درهم، ومدخرات كهربائية بـ 134 مليون درهم، وحلي ومجوهرات بـ 76 مليون درهم، وألومنيوم خام بـ 75 مليون درهم. 

وتضمنت قائمة أهم 5 سلع تم إعادة تصديرها إلى ألمانيا: أجهزة هاتف بقيمة 494 مليون درهم، وعنفات نفاثة، وعنفات دافعة بـ485 مليون درهم، وسيارات بـ 391 مليون درهم، وأجزاء مركبات جوية بـ 371 مليون درهم، وحلي ومجوهرات بـ196 مليون درهم.

كما تعد ألمانيا مقصداً للمواطنين الإماراتيين في مجال الرعاية الصحية، نظراً لما تتمتع به ألمانيا من تقدم كبير في مجال الخدمات الصحية والعلاجية.

ومن أهم الشركاء الاستراتيجيين لدولة الإمارات في المجال الصحي والسياحة العلاجية جمهورية ألمانيا الاتحادية، إذ يسعى البلدان إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها في مختلف المجالات، ويعزز ذلك اتفاق اللجنة الاقتصادية الإماراتية- الألمانية بزيادة التنسيق بين الجانبين في التعليم الطبي والممارسة الصحية خلال السنوات المقبلة، والتأكيد على التعاون في بناء المستشفيات وإدارتها والتبادل النشط في ما يتعلق بالمعلومات الطبية والأبحاث وآخر مستجدات قطاع الرعاية الصحية على المستوى العالمي.

وهناك مكاتب وأفرع عديدة في أبوظبي ودبي تابعة لهيئات رسمية ألمانية عدة، مثل الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي «DAAD»، ومعهد «جوته» اللذين تم إنشاؤهما عام 2006 ليكونا المركز الرئيسي للهيئتين في منطقة الخليج، فضلاً عن ذلك، هناك مشروعات تعاون عدة بين مؤسسات التعليم العالي في كلا البلدين، إذ افتتحت في مطلع عام 2012 الكلية الألمانية الإماراتية للعلوم اللوجستية بأبوظبي، كما بدأ في العام نفسه برنامج المنح الدراسية بالتنسيق بين الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي ووزارة التربية والتعليم في الإمارات لدعم إقامة الطلاب الإماراتيين في ألمانيا بغرض الدراسة.